<على ضفاف الجرح>
جلست على الكرسي القديم.. الذي سطره التاريخ..بطرازه البطولي..أشعلت المصباح ليملأ أرجاء الغرفة الصغيرة..ليرد الروح إلى جدرانها المتهالكة..أمسكت بزمام القلم ليخط أثره على رمل الورق..!
جرحٌ نزيف..وآهات تدوي صدى دمه..عالم عنوانه الصمت والسكوت..وعناصره الظلم والهوان..أبى حبري أن يسيل دموعه على خدود ورقه..!أبى أن يشكو..أن يعترض..بل أبى أن يصرخ..لينزف ثقل قلبه..
جلست على[ضفاف الجرح]..سحبت قارب النجاة لعله يقلني في عالم الحزن..في بحر الظلم..أمواجه المتلاطمة تكسر هدوءه..بدأت أراقبه..أبحث ببصري عن النصر..!
وجدته جالساً على الضفة الأخرى يترقب الوقت الموعد..ناديته أنشده..لمالا تهدأ روع هذا العالم..بتحريك مجاديفك؟!..لما لاتوقف هذا الضجيج الرهيب؟!..لما؟!
نظر إلي بنظرة كسير توحي بقلة صبره..
وأجاب علي بكل صمود..أتريدينني أن أدخل لباب أمة ذليله..كسيره..صامته..لايهزها أحوال أبنائها..ولاصراخ ثكالاها..ولاصياح أطفالها..ولانداء رجالها..ولادمعوع شيوخها؟!
أتريدينني أن أطرق بيتاً لاباب له..بيتاً دخله الفاسق والفاجر وعثا به الظالم والكافر..؟!
لاوألف لا..أمةً وضعت أمر ربها على هوامش تاريخها....وكتبت سنة رسولها بأوراق مقطعه متناثره؟!..وفقد لسانها وجوفها حلاوة كتابها..؟! لا وألف لا..سكت قليلا ليمتص بواقي لعابه الذي جف..من حرارة الزمن..!ثم أكمل بنبرة البشارة.. (من كان يريد العزة فإن العزة لله جميعا)..
سحبت قاربي الذي ترك بصمته على أنامل جرحي..أدخلته داخل البحر العاتم..ليقاسي حرقت غيره..لذوق مر طعمه..ليشرب من ملوحته..لجيب نداء بني جلدته..ليرجع إلى ربه!!
هاأنا أجدف بمجاديف التوبه.. أبعد عن قاربي وحوش المعصيه..وأصيد بشبكته أصداف الطاعه..
إلهي هاأنا جئتك بقلب كسير..فؤاد قد أهلكهة كثرة التأنيب..وضميره ينشد بصوته العذب أنشودة التوبه..لعل النصر يسمعه فيجيب!!
*************